
المقالة منشورة بالتعاون مع:

أليكس سولسبي
فنان ومؤسس مختبر التعلم التنموي، زميل الجمعية الملكية للفنون والابتكار.
كيف يجب أن تستجيب المدارس لثورة الذكاء الاصطناعي؟
منذ أكثر من 20 عاماً، أضاء المصلح التربوي السير كين روبنسون بقوة على أهمية الإبداع في التعليم، من خلال كتابه الشهير “الخروج من عقولنا: تعلّم أن تكون مبدعاً”.
قال روبنسون إن الإبداع لا يقل أهمية عن القراءة والكتابة، ويجب أن يُعامل في التعليم بنفس القدر من الاهتمام.
لقد انتقد النظام التعليمي التقليدي الذي يركّز على المطابقة والتوحيد القياسي، ودعا إلى اعتماد نهج تعليمي أكثر تفرداً ومرونة، يشجع على الابتكار والتفكير الإبداعي.
🖌️ جذور الفكرة أقدم مما نعتقد
قبل أكثر من 100 عام من روبنسون، دعا المعلّم السويسري يوهان هاينريش بيستالوزي إلى تعزيز دور الفنون والإبداع في التعليم.
كان يؤمن بأن الإبداع ليس مجرد نشاط جانبي، بل هو عنصر أساسي لنمو الأطفال عاطفياً واجتماعياً ومعرفياً.
✋ تجربتي الشخصية مع التعليم
أنا أتعاطف بشدة مع أفكار روبنسون وبيستالوزي.
فعندما كنت طفلاً، كنت متميزاً في الفنون، لكنني واجهت صعوبات في نظام التعليم الذي يتعامل مع الطلاب بشكل موحّد.
وما زلت حتى اليوم أستغرب لماذا:
- تتجاهل العديد من المدارس قيمة المناهج الغنية بالفنون.
- تُصر أنظمة التعليم على حصر الذكاء في الجانب الأكاديمي فقط.
✨ الإبداع ليس رفاهية، بل ضرورة.
ومتى ما أدركت المدارس هذه الحقيقة، سنبدأ ببناء جيل أكثر توازناً وابتكاراً.
تعليم الفنون .. والتعليم من خلال الفنون!
قبل أكثر من عشر سنوات، كان لي الشرف أن أُدعى لأكون قائد مشروع لحملة وطنية يقودها السير كين روبنسون، وناقشنا فيها أفكاراً قريبة جداً مما ورد في كتابه “الخروج من عقولنا”.
ومنذ ذلك الحين، ورغم مرور 22 عاماً على نشر ذلك الكتاب، لا تزال الحاجة قائمة إلى زيادة الوعي بأهمية دمج الفنون في التعليم.
وبصيغة أخرى: نحن بحاجة إلى تسليط الضوء بشكل أقوى على المهارات العميقة التي يمكن أن تتطور لدى الشباب عند ممارستهم للفن بانتظام.
🏫 قلة من المدارس تفهم أهمية الفنون
عدد قليل فقط من المدارس يدرك حقاً أهمية التعليم الغني بالفنون.
تلك المدارس تفهم أن الفن والتعليم الثقافي يساهمان في بناء مهارات لا غنى عنها مثل:
- التعاون
- التعاطف
- الامتثال للقوانين
وغيرها من المهارات الحياتية التي لا تُكتسب من الكتب وحدها
🧑🏫 المعلمون أمام تحديات جديدة
المعلمون اليوم ليسوا فقط مسؤولين عن نقل المعرفة، بل أيضاً عن تهيئة الطلاب لعالم يتغير بسرعة.
وسيكون من الخطأ الكبير تجاهل تأثير الذكاء الاصطناعي، والنماذج اللغوية المتقدمة، والتقنيات الحديثة التي أصبحت جزءاً من واقعنا اليومي.
لابد أن ندرك أن أدوات الذكاء الاصطناعي باتت تحدد شكل المستقبل في معظم القطاعات، والتعليم ليس استثناءً.
✨ الرسالة واضحة: الفن والتكنولوجيا ليسا متضادين، بل يمكن أن يتكاملا لبناء إنسان أكثر وعياً وابتكاراً.
فنون “المشي أثناء النوم” في المناهج الدراسية
مع تسارع تطور الذكاء الاصطناعي وانتشاره الواسع، أصبحت هناك أسئلة ملحّة على قطاع التعليم، وعلى وجه الخصوص:
كيف ستستجيب المدارس؟
أليس من الضروري اليوم إعادة تقييم مكانة الفنون في مناهجنا الدراسية؟
فنحن بحاجة إلى تنمية مهارات لم يستطع الذكاء الاصطناعي تكرارها بعد، مثل:
- التفكير الإبداعي
- الذكاء العاطفي
- التعاطف
🎭 الفنون: فرصة لا تزال مهمّشة
الفنون تمنح الطلاب فرصة فريدة لتنمية قدراتهم البشرية الجوهرية، ومع ذلك، فإن العديد من المناهج تتجاهل هذا الدور، وكأنها تسير نائمة لا تعي خطورة المرحلة.
خلال الثورة الصناعية، كان التركيز الأكبر على إعداد الطلاب للعمل في المصانع، فتم تقليص دور الفنون لصالح المواد الأكاديمية التقليدية.
واليوم، ومع دخولنا ثورة جديدة يقودها الذكاء الاصطناعي، فإننا أمام لحظة حاسمة لإعادة التوازن.
🤖 ما الذي يميز الإنسان عن الآلة؟
الذكاء الاصطناعي يمكنه تنفيذ مهام مثل:
- الحفظ والتكرار
- التحليل واتخاذ القرار بناءً على البيانات
لكنّه يفشل حتى الآن في إتقان:
- الإبداع
- التعاطف
- التعاون
- التفكير النقدي
وهنا يكمن الفرق الجوهري بين الإنسان والآلة.
🎯 ما الذي يجب على المدارس فعله؟
على المدارس أن:
- تُعطي أولوية أكبر لتعليم المهارات المعرفية والعاطفية والاجتماعية المعقّدة
- تُنمّي في طلابها:
- التفكير النقدي
- الابتكار
- القدرة على التكيّف
- الذكاء العاطفي
فما هو ضروري الآن، سيصبح حيوياً ولا غنى عنه في المستقبل،
خاصة في عالم قد تصبح فيه الوظائف المعرفية الأساسية قابلة للتكرار بواسطة الآلات بسرعة مذهلة.
واقع ثورة الذكاء الاصطناعي
يُعد التفكير الإبداعي جزءاً أساسياً في إعداد الطلاب لعالم يقوده التطور التكنولوجي ويقوم على التعاون الإنساني.
ولا شك عندي أن كلاً من روبنسون وبيستالوزي كانا سيتفقان على أن المدارس اليوم بحاجة إلى إعادة تقييم علاقتها بالفنون، كخطوة ضرورية للتكيّف مع واقع ثورة الذكاء الاصطناعي.
🚨 نحتاج إلى “مخرج طارئ” من أنماط التعليم التقليدية
ليس فقط من تلك الأساليب التي تركز على الحفظ والتكرار، بل أيضاً من الأنظمة التي تُقيّد الإبداع بـ:
- الرتابة
- التوحيد المعياري
يجب أن يتمحور التعليم حول الطالب نفسه، ويشجّع على:
- الاستكشاف
- التجريب
- التفكير المستقل
🔥 رعاية الشرارة الإبداعية في كل طالب
بينما تواصل الآلات تفوّقها في مجالات عديدة، علينا ألّا ننسى جوهر إنسانيتنا الذي يميزنا كبشر.
يجب أن:
- نشجّع الطلاب على حب الفنون
- نغرس فيهم روح الإبداع والتعاطف
- نزوّدهم بأدوات التواصل الإنساني الحقيقي
🌱 نرعى اليوم، لنصنع الغد
علينا أن نتحمّل مسؤوليتنا في رعاية الأجيال القادمة، وأن نخلق بيئات تعليمية محفّزة تشجع على التفكير خارج الصندوق.
فإذا بدأنا بهذا الآن، سنبني مستقبلاً يُقدَّر فيه:
- الابتكار
- التعاطف
- الخيال